كارثة بوسطن الكبرى

فيضان العسل الاسود

غالبًا تحدث الفيضانات لأسباب طبيعية ومناخية رغم كارثيتها إلا أن العلم استطاع أن يتنبأ بها، ولكن أن يحدث فيضان من دبس العسل فهذه سابقة في تاريخ القصص والكوارث.

هذا ما حدث في عام 1919 ميلادي وتحديدًا في الخامس من يناير عندما سمع أهالي بوسطن دوي إنفجار وهديرًا يشبه صوت المدافع ثم اهتزت الأرض وغُمرت الشوارع والمباني بسائل لزج تسبب في الكثير من الأضرار..

وتعود قصة هذا الفيضان حين قررت شركة متخصصة بصنع الكحول تحويل دبس العسل في خزان كبير تملكه -يبلغ ارتفاعه 15 متر وقطره 27 متر- إلى جعة بالتزامن مع قرار الولايات المتحدة الأمريكية منع بيع الخمور فيها حتى تقوم ببيعه قبل بدء تنفيذ القرار..

وكان هذا الخزان قد بُني بصورة سيئة وعندما بدأ بالتصدع لم تهتم الشركة بذلك بل قامت بتغطية الشقوق بلون بني حتى لا يلاحظ أحد العسل المتسرب منه.

وفي يوم الانفجار كانت الحرارة قد بلغت 17 درجة مئوية نتج عنها بعض الغازات منها ثاني أكسيد الكربون الذي زاد الضغط الداخلي بسبب التخمير، فانفجر الخزان في الساعة 12:30 مساء وهي فترة الغداء للعديد من العمال حيث أطلق موجة عملاقة بحوالي مليوني جالون من العسل جارفًا في طريقة السكان والسيارات مدمرًا للمباني وأعمدة الإنارة وسكك القطار فتسبب في خروجه من مساره وكل شيء في طريقة مما جعل روتين يوم دافئ يتحول إلى كارثة..

أصيب في هذه الحادثة حوالي 150 شخصًا، كما قُتل 21 شخصًا والكثير من الحيوانات التي سُحقت بسبب قوة الفيضان، ووصل ارتفاع الفيضان حتى منتصف خصر الاشخاص البالغين مما جعل التحرر منه أمر في غاية الصعوبة..

وأما في محاولات الإنقاذ فإن الطبيعة اللزجة للعسل تجعل محاولات الإنقاذ أكثر صعوبة حيث وصل المسعفون وضباط الشرطة إلى مكان الحادث بسرعة، ولكن الإنقاذ كان من الصعوبة ما جعلهم يحاولوا ما يمكن إنقاذه من الأرواح البشرية بصورة متواصلة بين الليل والنهار حتى توقفوا بعد أربعة أيام لأن الطوفان كان أكبر من قدرتهم على المواصلة..

غطى الدبس العديد من الجثث حتى بات من الصعب التعرف عليها، فيما عثروا على أحد الأشخاص بعد اسابيع من الكارثة مطمورًا تحت أحد الألواح، فيما وجدوا آخر بعد أربعة أشهر..

وقال أحد شهود العيان: أنه لن ينسى موقفًا لغرق حصان يحاول جاهدًا للنجاة.

استغرق تنظيف المباني والشوارع شهورًا بمياه البحر لإزالة آثار الكارثة، ورغم المحاولات المضنية لتنظيف الدبس مازالت تحمل آثار اللزوجة وبقي العسل يسيل من المباني منها، ورغم مرور عشرات السنين يقسم سكان الحي انهم يشمون رائحة العسل الاسود صيفًا.

حلا البكري
مدققة لغوية
حلا البكري
المدير العام
نهى الغامدي
محررة / كاتبة محتوى
نهى الغامدي
محررة / كاتبة محتوى
خلود البناء
مصممة وسائط
خلود البناء
منتجة وسائط متعددة